«فايننشال تايمز»: رسوم ترامب تكلف الأسرة الأمريكية 3800 دولار سنوياً

توقّع محللون اقتصاديون أن تشهد أسعار السلع الاستهلاكية في الولايات المتحدة، زيادات كبيرة خلال الأشهر المقبلة، بسبب اعتماد السوق الأمريكية بشكل واسع على الواردات من دول فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عليها رسومًا جمركية مرتفعة في إطار تصعيده للنزاع التجاري مع شركاء تجاريين رئيسيين، وعلى رأسهم الصين وفيتنام.

ووفقا لتقرير نشرته "فايننشال تايمز" الأربعاء، حذّر اقتصاديون في فرع الاحتياطي الفيدرالي بمدينة ريتشموند من أن الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي أعلن عنها ترامب، والتي تدخل حيز التنفيذ اليوم الأربعاء، ستؤثر بشكل غير متناسب في عدد من القطاعات الصناعية، لا سيما تلك التي تعتمد على استيراد السلع المصنّعة من آسيا، مثل صناعة الجلود والملابس.

وكشف تقرير صادر عن البيت الأبيض أن السلع المستوردة من الصين ستخضع لرسوم جمركية تتجاوز 104%، بعد إعلان ترامب عن قرارات تصعيدية جديدة في إطار نزاعه التجاري المتواصل مع بكين.

استهداف فيتنام وكمبوديا

فرض ترامب في الأسبوع الماضي رسومًا بنسبة 46% على الواردات القادمة من فيتنام، والتي تُعد ثاني أكبر مصدر للملابس إلى الولايات المتحدة بعد الصين، كما أنها من أبرز موردي السلع الجلدية، وعلى رأسها الحقائب النسائية، وقد وصفت هذه الرسوم بأنها من أعلى المعدلات التي أُعلنت في ما أطلق عليه ترامب "يوم التحرير".

وأعلنت الإدارة الأمريكية أيضًا فرض رسوم بنسبة 49% على الواردات من كمبوديا، والتي تزوّد علامات تجارية معروفة في سوق الملابس مثل "لولوليمون" و"هوجو بوس".

ارتفاع مرتقب في الأسعار

أوضح نائب رئيس جمعية تكنولوجيا المستهلك في الولايات المتحدة، إد بريزتوا، أن الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب المحمول وألعاب الفيديو ستشهد ارتفاعًا في أسعارها، نظرًا لأن الرسوم المرتفعة الجديدة تتركز على دول كفيتنام وتايوان.

وأشار إلى أن العديد من الشركات كانت قد نقلت عمليات التصنيع إلى تلك الدول أثناء فترة التوتر التجاري الأولى بين الولايات المتحدة والصين خلال الولاية الأولى لترامب، ما يجعلها الآن معرضة مباشرة لتبعات الرسوم الجديدة.

تداعيات على الأسر الأمريكية

توقّع باحثو "مختبر الميزانية في جامعة ييل" أن تؤدي هذه الرسوم إلى زيادة متوسط الإنفاق السنوي للأسر الأمريكية بنحو 3800 دولار بدءًا من عام 2026، في حال لم يتدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي للحد من التضخم.

أدى هذا الوضع إلى انقسام داخل البنك المركزي الأمريكي بين خيارين؛ إما خفض أسعار الفائدة لتجنّب تباطؤ اقتصادي حاد، أو إبقاؤها مرتفعة للسيطرة على أي موجة تضخم جديدة قد تنجم عن الرسوم الجمركية.

أعلن رئيس فرع الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستان جولسبي، في مقابلة إذاعية، أن الرسوم الجديدة كانت "أكبر بكثير مما توقعه صناع السياسات"، ما يضع الاقتصاد الأمريكي أمام تحديات غير مسبوقة.

تفاوت في تأثير الرسوم

أشار بريزتوا إلى أن أثر الرسوم قد لا يظهر فورًا على الأسعار، حيث قامت شركات الإلكترونيات بتخزين ما يكفي من البضائع لتغطية ثلاثة إلى أربعة أشهر من الطلب داخل السوق الأمريكية، غير أن هذا المخزون سينفد عاجلًا أو آجلًا، وستبدأ الأسعار بالارتفاع تدريجيًا مع عودة الحاجة إلى الاستيراد.

في المقابل، تواجه قطاعات أخرى مثل المواد الغذائية خطر ارتفاع الأسعار في وقت أقصر، خصوصًا تلك التي تعتمد على السلع الطازجة القابلة للتلف، مثل الخضراوات والفواكه.

زيادة متوقعة في الأسعار

كشف تقرير "مختبر الميزانية في جامعة ييل" أن الرسوم الجمركية المعلنة هذا العام ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الأرز المعالج بنسبة 10.3% خلال الأشهر المقبلة.

كما توقع التقرير ارتفاع أسعار الفواكه والخضراوات والمكسرات بنسبة 4%، وهي سلع تُستورد عادة من المكسيك وكندا، ما يعكس اتساع تأثير الرسوم ليشمل دولًا جارة للولايات المتحدة.

تسارع في تمرير التكاليف

أوضح كبير الاقتصاديين في بنك UBS، بول دونوفان، أن تداعيات هذه الرسوم على الأسعار ستكون أسرع من تلك التي حدثت عام 2018، حيث استغرقت حينها عدة أشهر للظهور، في حين يفتقر تجار التجزئة الأمريكيون حاليًا إلى مخزونات كافية لامتصاص الصدمة.

وأضاف أن تقبّل المستهلكين الأمريكيين لفكرة التضخم بعد صدمات الأسعار الأخيرة، إلى جانب الانتقادات المتزايدة لسياسات ترامب التجارية، قد يدفع بعض التجار إلى تمرير ارتفاع التكاليف بسرعة كبرى، في ظل إدراكهم أن الرأي العام أصبح يربط بشكل مباشر بين الرسوم الجمركية والزيادات السعرية.

وقال دونوفان: "مع تزايد الوعي بالرسوم الجديدة، سيُرجّح أن يُحمّل المستهلكون الرئيس ترامب مسؤولية أي زيادة في الأسعار، بغض النظر عن أسبابها الفعلية".